البريد الإلكتروني
الانطلاقة
  انطلقت جمعية جهاد البناء الإنمائية في أول عمل لها ، بعد الإنفجار الآثم الذي طال منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية لبيروت في العام 1985، حيث قامت فرق المهندسين والعاملين في الجمعية بمسح الأضرار، وصيانة المباني المتضررة وترميمها ، وكذا ترميم وصيانة المرافق العامة والطرقات ، والجدير ذكره أن عدة مباني تهاوت بسبب القوة التفجيرية الكبيرة للعبوة الناسفة التي ذهب ضحيتها أكثر من 150شخصاً بالإضافة إلى مئات الجرحى .
هذه المتفجرة الظالمة ،بالرغم من فظاعتها وقساوتها ، كانت بمثابة النفير الأول لرواد البناء في الجمعية ، حيث وضعتهم أمام استحقاق كبير جداً ، وأن المهمة التي يقومون بها ليست سهلة ، وأن الطريق مليء بالجهد والبذل والعطاء ، والإستمرار في هذا الطريق قد يستلزم في بعض الأحيان بذل الدماء .
هذا البذل من الدماء ، تحوّل إلى ملحمة مستمرة ، سطرت أشعارها بدماء المجاهدين في المواقع الأمامية والمواجهة لما كان يسمى بالشريط المحتل ، حيث اقتطع العدو الصهيوني جزءاً مهماً من الأراضي اللبنانية في الجنوب والبقاع ، وجعلها مكان لرحى معاركه ومواجهته خوفاً من اقتراب المجاهدين نحو الحدود الدولية مع فسطين المحتلة، فكان « الشريط المحتل » الحصن الأولي بنظرهم ، سرعان ما تحول إلى قبر من نار يحرقهم مع عملائهم ، حتى شبه الإرهابي أرييل شارون جنوب لبنان بالسجن الكبير لجنوده .
هذا البذل ، وهذا العطاء ، يحتاج إلى دعم متواصل ، واهم أشكال هذا الدعم ، تتمظهر من خلال العمل على تثبيت الناس بأرضهم وطمأنتهم ، ولعل الترميم وإزالة آثار العدوان من أهم هذه المظاهر. فالترميم مشروع إنمائي يهدف إلى إزالة آثار العدوان باستخدام كل الطاقات المتاحة ، من أجل مساعدة أبناء القرى المتاخمة للعدو ، على الصمود في وجه الآلة المدمرة ، وتجاوز الصعاب في تأمين الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم ، من خلال صيانة المرافق العامة من طرقات وأنابيب المياه والشبكة الكهربائية ...
فمنذ العام 1985م، كان البقاع الغربي وهو ثغر من ثغور المقاومة ، يتعرض يومياً للعدوان من قنص وقصف وغارات جوية لطائرات العدو الصهيوني ، هذا الأمر كان يسبب الكثير من الدمار ، ولولا جهود وتصدي جمعة جهاد البناء للترميم والصيانة ، لكانت المنطقة هجرت ودمرت عن بكرة أبيها ، كما حصل لقرية الصمود الأسطوري : ميدون وأخواتها .
وهكذا ، من البقاع الغربي إلى الجنوب والساحل ، كانت آلات العدو تدمّر ، ورجال جهاد البناء يعمرون ويرممون ، حتى أضحت الجمعية معلماً بارزاً من معالم البناء والإعمار والترميم ، في بلد كثرت فيه الحروب ، ودمّرت بناه التحتية أكثر من مرة ، في بلد أثل ما يقال فيه أنه مارد خرج من تحت الرماد والركام .